هل سكّر الفركتوز مادة سامة؟؟

فقط في العام 2010 تم وصف كيفية تعامل الكبد مع سكّر الفركتوز (سكّر الفاكهة) بطريقة صحيحة ما يجعل جميع الابحاث التي سبقت الـ2010 والكتب المستندة الى تلك الابحاث عديمة الفائدة لا بل مغلوطة واضيفوا الى ذلك غالبية نصائح الصحة والتغذية المنتشرة، والتي وللاسف، لم يتم تحديثها لتستند على المعلومات الجديدة دون ان ننسى بالطبع تصنيف الكثير من المنتجات والمأكولات على انها “صحية”

الفركتوز موجود بشكل حر في الفاكهة والعسل وفي ما يعرّف بشراب الذرة الذي يضاف ومنذ عقود الى عدد لا حصر له من المنتجات الغذائية لزيادة درجة الحلاوة.. الفركتوز يشكّل نصف جزيء سكّر المائدة (السكروز) saccharose والذي تعودنا على الاكثار من استخدامه لتحلية المشروبات الساخنة مثل الشاي ويضاف بكثرة الى الحلويات مثل الكنافة على شكل قَطْر..

الفركتوز مماثل لسكّر الدم الجلوكوز بعدد ذرّات الكربون والهيدروجين والاوكسجين مع اختلاف بسيط في الشكل التركيبي.. هذا الاختلاف البسيط يجعلهما يختلفان بشكل جذري من حيث طريقة تعامل الجسم معهما..

اكبر خطأ يقع فيه الاطباء واخصائيي التغذية هو اعتماد كمية الانسولين الناتجة عن تناول صنف ما insulin response او مقدار ارتفاع سكر الدم glycemic index و glycemic load كمعيار ذهبي متناسيين ان الانسولين ضروري وبدونه يدخل مريض النوع الاول من السكري في غيبوبة بعد ان يرتفع لديه مستوى الاحماض الكيتونية.. هذه مؤشرات قديمة اصبحت عديمة الفائدة نوعاً ما في ظل اكتشافات وابحاث جديدة.. بالطبع لا اقول بأن ارتفاع الانسولين او سكّر الدم امر غير مضر لأنه بالطبع مضر ومضر جداً لكنه لا يوضّح الصورة الكاملة فمثلاً يفشل عند الحديث عن الفركتوز والماليتول.. في حالة الفركتوز عند تناوله من قبل الاصحّاء يكون ارتفاع سكّر الدم قليل نسبياً مما ادّى للاستنتاج الخاطئ بأن تناول الفركتوز “صحّي” وتبع ذلك انتشار النصائح المغلوطة ومنتجات مضرة تباع على انها صحية.. من المحزن جداً مشاهدة الفركتوز نفسه يُباع على رفوف المحلات في قسم المنتجات الصحية!

الكبد يعامل الفركتوز بطريقة مشابهة للكحول ethanol حيث يعطيهما الاولوية المطلقة.. وكأن الكبد يتعامل معها على انهما مواد سامة يجب التخلّص منهما في اقصر مدة ممكنة.. ومن الاكتشافات الحديثة ان الكبد يحوّل جزء من الفركتوز الى كحول

معلومة اخرى هي ارتفاع حامض اليوريك uric acid في مجرى الدم بعد تناول الفركتوز ولن اتحدث عن مرض النقرس في هذا المقال لكن من الاضرار الثابتة لارتفاع حامض اليوريك تقليل انتاج اوكسيد النيتروجين NO.. الانواع الثلاثة لأوكسيد النيتروجين يقل انتاجها:

النوع الاول eNO والذي تفرزه بطانة الاوعية الدموية ويعمل كأحد اهم موسِّعات الاوعية لتقليل ضغط دم واهم عوامل حدوث الانتصاب عند الرجال

النوع الثاني nNO في الجهاز العصبي وتوجد ابحاث كثيرة عن حمايته للدماغ ومنع/تأخير عدد من العلل التي تصيبه

النوع الثالث iNO المهم جداً لفاعلية خلايا الدم البيضاء والجهاز المناعي

احياناً عدم ملاحظة اعراض جانبية قد يكون امر سيء.. قد تكون محظوظاً وتحميك موروثاتك “جيناتك” من البدانة او السكري او ارتفاع ضغط الدم حتى سن متقدّم لكن تأكّد بأن الضرر الناتج عن الفركتوز يحدث في الجميع.. مثل كل شيء “السميّة بالكميّة” وفي حالة الفركتوز الكمية اليومية التي يستطيع الكبد التعامل معها دون مشاكل هي عدد قليل من الغرامات.. نصيحتي يا احباب محاولة تجنّب او على الاقل تقليل كمية استهلاك الفركتوز قدر الامكان الى حين اتخاذ القرار بالالتزام بأسلوب حياة صحّي يناسب طبيعتكم الخاصة.. في جميع الاحوال عليكم اكتساب عادة قراءة ملصقة المعلومات الغذائية على المنتجات مع التركيز على محتوى الكاربوهيدرات ومحتوى السكّر وايضاً على المكونات.. كما اسلفت السكّر العادي نصفه فركتوز.. مصنعو الاغذية قد يلجأون لاستخدام مصطلحات بديلة عن السكّر لذلك عليكم معرفة تلك البدائل.. مثلاً سكّر بُنِّي او سكّر قَصَب طبيعي الخ وهذا وعلى الاقل بالنسبة لي يدخل تحت باب الخداع والتحايُل لأن لا فارق يذكر بين تناول السكّر المكرر والسكّر البني مهما اختلفت التسميات

“في الخلايا العضلية الجلوكوز يدخل بفعل الانسولين ولا يخرج ابداً“

الاحباب الذين يتبعون الكيتو بأي من انواعه او الـlow-carb عموماً كأسلوب حياة انبهكم من ان الفركتوز يزيد منسوب الجليكوجين في الكبد بشكل حصري دون العضلات وبالتالي سيمنع انتاج الكيتون لمدة طويلة لأنه من اهم شروط انتاج اجسام الكيتون ان يكون محتوى الجليكوجين في الكبد قريب من الصفر

من الاخطاء العلمية الدارجة في مجتمع وعالم “الكيتو” الاعتقاد ان جليكوجين العضلات يزوّد الدم بالجلوكوز وذلك ليس صحيح ابداً.. فقط الكبد يستطيع تزويد الدم بالجلوكوز حيث تفتقد خلايا العضلات لميكانيزمية تمرير الجلوكوز عبر غشاء الخلية الى خارجها..

في النهاية لا تعتقدوا ابداً بأن العسل مفيد لكم.. سواء كان بلدي او مهما كانت نكهة الازهار فهو ببساطة محلول سكّر عالي الإشباع شبه خالي من الفيتامينات والمعادن.. لا تدعوا احد يخدعكم بمثل هذه التراهات.. اتركوا العسل للدببة التي تحتاجه لزيادة مخزون الدهون قبل سباتها الشتوي.. او اتركوه لعطلة نهاية الاسبوع إن كنتم تتبعون اسلوب حياة Smart Protocol الذي انصح به او اسلوب حياة مشابه