البَدَانَة المُجَدْوَلَة

البدانة المجدولة scheduled obesity من النظريات المنطقية التي تلقى قبول واسع حول العالم.. للشرح نبدأ بسؤال ماذا تريد الفاكهة من الحياة البرية (نحن والحيوانات)؟ الجواب هو ان الفاكهة تريد البقاء وتحتاج لنقل بذورها من اجل الانتشار وضمان بقاء جنسها.. لتفعل ذلك، وعند النضوج، تظهر بألوان زاهية برّاقة ويكون طعمها حلواً نوعاً ما بفضل محتوى مواد سكريّة اكثرها حلاوة الفركتوز لجذب الحياة البريّة.. النظرية تعتمد على مبدأ المصلحة المتبادلة ومنه تستنتج ان الحياة البرية تكون مصلحتها تخزين كمية كبيرة من الدهون تكفيها لتخطّي فصل الشتاء.. ما يجعل النظرية منطقية هو توقيت نضوج غالبية انواع الفاكهة الطبيعية في اواخر فصل الصيف وخلال فصل الخريف.. المقصود بالفاكهة الطبيعية هي الفاكهة البعلية قبل تطوّر الزراعة وقبل تدخلات الانسان والتلاعب بالجينات.. سكّر الفركتوز تحديداً لا يستطيع اي من انسجة جسم الانسان الاستفادة منه او التعامل معه.. فقط الكبد يستطيع التعامل مع الفركتوز عبر تحويله الى جلوكوز وتخزينه على شكل جليكوجين glycogen والقدرة التخزينية محدودة لا تتجاوز الـ٢٠٠ غرام.. الفائض يتم تحويله الى دهون وايضاً اي دهون يتم تناولها يتم تخزينها بفعل التغيرات التي يحدثها استهلاك الفركتوز على الجسم.. الطعم الحلو للفاكهة يزيد الشهية لكي يأكل الحيوان اكبر قدر ممكن وبالتالي يزيد فرصة انتقال البذور وبالمقابل يزيد تخزين الدهون عند الحيوان ويحسّن فرص تخطّي فصل الشتاء وبالتالي البقاء!

مدونة سايد فرح – البدانة المجدولة

اذا افترضنا ان النظرية صحيحة نستطيع ان نفسّر انتشار البدانة حول العالم وزيادة معدلاتها خلال العقود الاخيرة وربط ذلك مع تعديل الفاكهة جينياً لزيادة محتوى الفركتوز ولزيادة مدة صلاحيتها وايضاً لامكانية توفرها طوال العام.. لا تصدقوا ابداً اعلانات “طبيعية” و “انتاج محلّي”.. غالبية اصناف الفاكهة ليست طبيعية وان كانت مُنتَجة محلياً، وبعيداً عن الاقتصاد، فهذا لا يعني اي شيء على الاطلاق من منظور صحّي لأنها معدلة جينياً ومزروعة من قبل الانسان اي لا تنتمي للبيئة التي نعيش فيها.. طبعاً مع توضيح بأنه لا يتم حرمان غالبيتنا من مصادر الغذاء خلال فصل الشتاء فلا داعي للجوء للبدانة المجدولة.. مصنّعي الحلويات والشوكولاطة يستخدمون نفس اسلوب الفاكهة في جذبنا.. اغلفة ملونة برّاقة ومحتوى فركتوز مرتفع!

مدونة سايد فرح – البدانة المجدولة