
دخلت الى محل موبايلات فوجدت شاب، علمت لاحقاً بأنه صاحب المحل، تظهر على وجهه ملامح الإحباط بوضوح. بعد ان نجحت بإقناعه -نوعاً ما- بأنني قد اكون زبوناً ذا نيّة شراء حقيقية عبر لغة الجسد ونبرة اليقين في صوتي والكلمات بأن فلان بعثني عليه، نهض بتكاسل من مقعده واقترب الى خلف الكاونتر الزجاجي الذي اقف امامه.
حاولت اثناء استعراضه لمواصفات واسعار خيارات لواصق الحماية الشفّافة، حاولت أن اخفف عنه واعدّل من مزاجه عبر خليط من المواضيع العامّة والنكات وصرنا صحبة. تحدثنا عن الحكومة وقراراتها وعن مجلس النواب ودوره.
سددت له ثمن غطاء السيكوريت الذي قام بلصقه بحرفيّة اثناء حديثنا وجاء السؤال.. بدّك فاتورة؟
مع ان ثمن السيكوريت دينارين لا غير فقد أربكني سؤاله جداً، فأنا مع قيام الجميع بواجباتهم مثل تسديد ضريبة المبيعات وضريبة الدخل على أكمل وجه لكن في ذات الوقت انا اعلم بأن الكثير من المتنفذين والاغنياء يتهربون من ضريبة الدخل عبر تسجيل شركاتهم في جزر الكاريبي وعبر الاستقواء على المسؤولين بأنهم سيسحبون استثماراتهم من الاردن وأرصدتهم من البنوك الاردنية وعبر واسطات علاقاتهم واعلم بأن الإنفاق الحكومي تشوبه شوائب وأن اموال دافعي الضرائب يساء استخدامها واعلم بأنه قد تم شراء سيارات لرؤساء بلديات من هذه الاموال واعلم بأن اوامر تغييرية مبالغ فيها دُفعت لمقاولين من هذه الاموال ويدفع منها تكاليف سفرات لمؤتمرات وتكاليف استضافة مؤتمرات لا تعود على المواطن بأي فائدة إلخ.
اموال دافعي الضرائب يساء استخدامها
من المؤسف ان يصل المواطن لحالة متقدّمة من الاناركية وان يشعر بأن حكومته ليست اكثر من جابي لا يقوم بواجبه تجاهه ومن المؤسف ان يشعر المواطن بأن حكومته ليست اكثر من شر لا بد منه لاستمرار الامن والامان. ومن المؤسف أن يشعر المواطن بأن نوابه يمثّلون عليه. ومن المؤسف ان يصل المواطن لمرحلة من انعدام الثقة بحكومته بأن يشعر بأن خطوة “ترشيق” الحكومة ستطيح بالكفاءات المتبقّية.
بواسطة: سايد فرح Sayed Farah