الكاتب: المهندس احمد العكايلة.
كي لا ننسى…و التاريخ يعيد نفسه.
التيار النيوليبرالي (الخياني) في الأردن برز مع تصاعد أوهام “التصفية” للقضية الفلسطينية وفق خطة بُنيت على انفراد أمريكا كقطب دولي أوحد في النظام الدولي…وقام مخططه على تفتيت القطاع العام وتهميش دور الدولة وإضعاف قواعدها الاجتماعية منذ عام 2000 ثم انجرف لاهتاً خلف أوهام هذه التصفية في أنابوليس 1 وأنابوليس 2…غير أن هذا الوهم قد ارتطم بالتعنّت الإسرائيلي آنذاك الذي استند إلى التعنت السوري ورفضه للدخول في عملية سلمية مع الإسرائيليين لظروف و ملابسات كثيرة -لا يتّسع المقام لذكرها- مما أدى إلى فشل مخطط هذا التيار وخروجه من الدولة في بدايات عام 2010..وقد خلق هذا الوضع بيئةً ملائمةً لعودة بيروقراط الدولة الى الواجهة…كما أدى لخلق بيئة ملائمة لظهور تعبيرات شعبية -بدائية نوعاً ما- تتخذ موقفاً حِدِّيّاً تجاه هذا النهج مثل بيان المتاقعدين العسكريين وتيار36 ومبادرة الإصلاح الوطني من الحركة الإسلامية والتي قادها سالم الفلاحات ورحيل الغرايبة آنذاك.
علينا أن لا نتوهم بأنّ هذا التيار فاعل ويملك قدرات ذاتية في الحركة..هو ليس أكثر من أدوات يتم توظيفها بناءً على رغبات وحاجات أطراف إقليمية ليس أكثر…فالقوى الإقليمية التي تخرج اليوم خالية الوفاض من الأزمة السورية لا تملك إلا الدخول على ملفات التسوية للقضية الفلسطينية لامتلاك أوراق تفاوض عليها لحماية ذاتها لا أكثر…فتبدأ هذه القوى بالتحرك تجاه الأردن لتضرب العمود الفقري للدولة المتمثل بالمؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية من أجل خلخلتها ورسم مسافة شاسعة بينها وبين الشعب الأردني…وتشتد شراسة هذه الهجمة على إيقاع الأزمة السورية من إربد الى البقعة مروراً بالركبان و ليس انتهاءً بالكرك عاصمة البيروقراطية الأردنية، وبالطبع فإن هذا المخطط لا يتم إلا عبر الضغط على أطراف داخلية تعاني أزمةً في إعادة إنتاج ذاتها ضمن صيغة العالم الجديدة ، وتخضع لتقاطعات المصالح ما بين الأطراف المختلفة بدءاً من قطر وليس انتهاءً بإسرائيل، ويستمر بؤس هذه الأطراف الداخلية في محاولة إعادة إنتاج التيار النيوليبرالي راقصاً على جراحات أجهزتنا الأمنية ليتوّج بإظهار عرّابه باسم عوض الله على التلفزيون الأردني بعد الطعنة التي تلقتها المنظومة الأمنية مؤخراً…والبؤس ملازمٌ لأهله…فلا تلبث فرحتهم أن تبددها الصفعة الدولية لإسرائيل يوم امس عبر تبني مجلس الأمن قراراً يرفض الاستيطان في الضفة الغربية ليثبّت المرجعية الدولية للقضية الفلسطينية بقرار242..
علينا جميعاً أن نتوقّع اشتداد شراسة الهجمة على الدولة الأردنية في الأيام القادمة من أجل إحداث أزمة أمنية مرافقة للتأزيم الاقصادي الذي سيضغط على الأردن من أجل إضعافه وتحويله إلى ساحة فارغة سياسيّاً…فالأزمة السورية قد دخلت فصلها الأخير و تموجاتها سوف تنعكس علينا سريعاً بسبب تأزّم الأطراف الإقليمية المتورطة فيها…ومن أجل التحضير للدخول على تسوية القضية الفلسطينية..وسيتم استخدام كل الموبقات بوجه هذه الكينونة الأردنية، والكرة اليوم في ملعب الشعب الأردني كي ينتج تعبيراته الوطنية التي تحمي دولته ومؤسساته وتملأ الفراغ الناتج عن ارتطام مشاريع العابرين السياسية بحائط التغير في المنظومة الدولية…الشعب الأردني اليوم أمام اختبار حقيقي ليجيب إجابةً صحيحةً على سؤال “صيغة الوجود” للمرة الثالثة..و لكن بشكلٍ صحيح هذه المرة…ولا أمل للخروج من هذه المعمعة سالمين إلا بتولي الشعب الأردني لمسؤولياته التاريخية لكي يحوّل مجاميعه إلى شعب…وسلطته إلى دولة…مسنوداً بمؤسساته التي لا ملجأ لها غيره..
الشعب الأردني تحت المجهر اليوم…وصموده وتكاتفه وفاعليته هي صمام الأمان الوحيد
أيها الأردني…
تهيّأ…
كتفاً سلاح