الكاتب: زياد فرحان البخيت.
نحمد الله أن سلّم الوطن من المحن التي مر بها عبر تاريخه، وكان دوما هو المنتصر فيها، وعقب كل مرة تزداد فيها الوحدة الوطنية صلابة وتماسكا، فرغم خلطتنا العربية الاجتماعية فالناتج اردني عربي على الدوام.
ومن رحم كل محنة كان يُولد الابطال، تكافؤهم الأقدار على تميزهم رغم ان التضحيات جماعية تميزوا بمساعدة غيرهم، واجمل ما فيها ان لا واسطة بذلك فالتميز لا يعرف واسطة بل يلفظ من يسعى اليه بهذه الوسيلة.
ففقر المملكة الى الموارد الطبيعية والاعباء التي تحملتها عبر تاريخها من هجرات قسرية واستضافته لاعداد ضاعفت عدد سكانه، بقيت عجلة التنمية تدور في سباق مع الزمن وكان دوما يقفز اسم المغفور له باذن الله تعالى (الحسين بن طلال) قبل ان يتسلم الراية جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله .
ومن رحم احداث سياسية ولد (وصفي وهزاع وحابس) .
ومن رحم التفكير بمستقبل الاردن وبنائه وتطوره بالعقل والواقعية ولد المغفور له باذن الله تعالى (عبد الحميد شرف) صاحب الدعوة الى ترشيد الاستهلاك وما احوجنا اليوم الى مثله.
ومن رحم ازمة عابرة شهدها الوطن ذات يوم باحتجاز رهائن في فندق الاردن ولد المرحوم باذن الله تعالى البطل الشاب احمد علاء الدين.
ومن رحم حاجة الاردنيين للبسمة نتيجة ظروفهم الاقتصادية وحاجتهم لمن يرفه عنهم ولد (سمعة).
ومن رحم ازمات المرور التي شهدتها العاصمة نتيجة انفرادها دون باقي عواصم العالم بميزة التزايد المفاجئ بعدد السكان واستقبالها عبر تاريخها واحتضانها لعشرات الالاف من المهاجرين والمهجرين ولد (رقيب السير هزاع) .
اما ما وُلد من رحم محنة الوطن الاخيرة فالمولود كان هذه المرة تنبيهنا الى اعادة حساباتنا بدقة بما في ذلك تصرفاتنا مع الكلمة ومع استعمال وسائل الاعلام التي وبكل صدق وموضوعية لم نحسن التعامل معها بايجابية بل على العكس، لم نكن مستعدين للتعامل مع الحدث بالقدر الذي يستحقه، ما يمكن قوله رب ضارة نافعة.
انبرى عديدون للاشادة بالمواطن الغيور الذي قدم السلاح وعشرة الاف طلقة دعما لابناء الوطن من درك وامن عام، وانا اقول بدوري بارك الله فيه على غيرته، والان بعد ان -راحت السكرة واجت الفكرة- وبعد ان استمعت الى طلب احد اقاربه النائب بالبرلمان يطلب ومن وزير الداخلية بعدم مساءلة هذا المواطن عن الاسلحة والذخائر التي بحوزته، اتساءل كمواطن اليس من حق الاجهزة الامنية ان تعرف كيف حصل على هذا الكم الهائل من السلاح وكم بقي لديه منها وممن اشتراها ولمن باع غيره بائعها واين ذهبت وكم بائع مثله يعيش بين ظهرانينا!!
دعونا من العواطف ولنفكر بمنطق ولنستعد للقادم بثبات ولنمتثل لقوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) صدق الله العظيم، اعدوا امر الهي بالتخطيط السليم للمستقبل، كما ان الاستعداد يكون باغلاق الطرق المؤدية للانحراف والتعرف اكثر الى احتياجات المواطنين التي هي بالمناسبة ليست بالضرورة ان تكون ذات كُلف مادية مرهقة للخزينة، تحقيق العدل والمساواة والابتعاد عن المحسوبية لا تحتاج الى ميزانيات لكن الاخلال بها يحتاج بالتاكيد الى ميزانيات وقروض اضافية لتصحيح الخلل الذي يحدثه فيها.
فرحم الوطن لا زال يكتنز جيوشا من الابطال والمتميزين الذين حبى المولى عز وجل بهم الوطن ليكونوا مشروع شهادة والمجد والخلود لشهدائنا الابطال وتحية اجلال واكبار لوالديهم وعائلاتهم واطيب امنيات الشفاء لجرحانا.
حمى الله الاردن قيادة وجيشا وشعبا.